مناطحة فى جدار العناد
عربة التسوق فارغة!
مواصفات المنتج
- المؤلف: محمد فاضل
- الناشر: مدارك
- تاريخ النشر: 2012
- الصفحات: 379
وصف المنتج
تحدث الكاتب محمد فاضل في مقال (كان وأختها «الآن»... إلى أساتذتي ومعلمي الأفاضل)، عن ذاكرته المدرسية والحراك الطلابي وكيف كانت المدارس أشبه ما تكون بــ «المجمع العلمي الصغير» الذي أعطت معنىً ثرياً لكلمة «المدرسة»، فلايزال يتذكر الفنان عبدالله ملك عندما كان يقف كل صباح أمام الطابور ليقدم عرضاً في التمثيل لبضع دقائق، فقد كان هواة المسرح يجدون في المدارس ضالتهم المنشودة، فتلقوا المبادئ الأولى في فن الأداء والتحكم في طبقة الصوت وتلوين الإلقاء. فلم تكن المدارس آنذاك جزراً معزولة على حد وصفه، بل كانت فضاءً يعج بالأنشطة الطلابية الخلاقة التي تعزّز روح التنافس والإبداع، وتُعقد فيها ورش عمل تدريبية تهدف إلى صقل مواهب الطلبة في الكتابة الصحافية، كالدور الذي قام به نائب سفير فلسطين السابق في البحرين عبدالرحمن الصوير، في الإشراف على هواة الصحافة في مدرسة المنامة الثانوية مثل إبراهيم بشمي والمرحوم حسن النعيمي. ويتساءل الكاتب: ماذا يفعل طلاب المدارس اليوم غير تلقي الدروس؟ إنها «الكآبة» كما يصفها.
ورغم اعتراف الكاتب بوجود تطوّر على مستوى المناهج الدراسية، فإنه في المقابل يكاد يشكك في نوعية مخرجات التعليم عندما يقول: لماذا يتلعثم أبناؤنا ويصابون بالتأتأة في مقابلات العمل؟ ولماذا تتملكهم قناعة راسخة بأن أبواب العمل ستفتح أمامهم بمجرد الحصول على ورقة تقول إنهم اجتازوا عدداً معلوماً من الساعات الدراسية؟ ويخلص الكاتب هنا إلى أن معلمي تلك الأيام إنما كانوا يقومون بكل تلك الأنشطة خارج أوقات الدوام تطوعاً من دون أجر.
يستعرض الكاتب في مقال ثانٍ له بعنوان: «تحية أخيرة لمديرة المدرسة العظيمة في صمتها»، تجربة أول عنصر نسائي من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، ألا وهي المرحومة ليلى عبدالله فخرو المعروفة بهدى سالم في منطقة ظفار بعُمان.
هذه البحرينية التي استطاعت الوصول إلى المناطق المحرَّرة لتقوم بتأسيس مدارس الثورة في العراء، وخرّجت طلاباً يتقلدون اليوم مناصب رسمية عالية، لكن أحداً بالكاد يعرفها، فأمثالها هم المناضلون الحقيقيون لا أولئك الذين يملأون ساحتنا ضجيجاً هذه الأيام.
يقول الكاتب في مقال بعنوان «منطق تبرير الفشل» اننا شعب لا يهتم بالتفاصيل عندما يتطلب الأمر الاهتمام بالتفاصيل، ففي السابق لم تكن حفلات التخرّج أمراً معروفاً، بل ولربما كانت تقابل بابتسامة استخفاف، أما الآن فإن حفلات التخرج أصبحت تقليداً ثابتاً، بل ان بعضهم راح يبالغ فيها وينظمها في صالات الفنادق.
وفي مقال «رياض الأطفال... المعضلة تبدأ من هناك»، يتناول الكاتب تجربة ألمانيا، وكيف أن الحصول على وظيفة مدرس في الجامعة وفي المدارس أسهل بكثير من الحصول على وظيفة مدرس في رياض الأطفال، كما أن رواتب معلمي رياض الأطفال يتصدر جدول إحصاءات الرواتب هناك، بينما في البحرين نقرأ أنهم باتوا يطالبون بأن يكون الحد الأدنى لرواتبهم 200 دينار.
هنا يطرح الكاتب عدة تساؤلات مهمة، منها: مسئولية رياض الأطفال، هل هي مسئولية الدولة أم القطاع الخاص؟ ولِم انصرف الرجال تحديداً عن مهنة التدريس في رياض الأطفال؟ إنها الثقافة العامة السائدة في المجتمع التي مازالت تنظر إلى مهنة التدريس في رياض الأطفال بقدر غير قليل من الازدراء، فلابد إذاً من اتخاذ خطوات تصحيحية جادة وجريئة لإنقاذ هذا الحقل الحيوي، فعملية التعليم ـ بحسب توصيف الكاتب ـ متصاعدة في التجويد منذ البداية وصولاً إلى القمة، ولكن هرمنا يسير بشكل مقلوب.
يتحدث الكاتب في مقال «ماذا سنعلِّم أبناءنا»؟ عن الخلل في السلوك الإنساني من أبعاده المجتمعية المؤثرة والمحيطة بأبنائنا، فلا أحد منا يقول لصغاره: عليك أن تكره أو أن تسرق أو لا تسلِّم على فلان؛ لأنه ليس من مذهبنا، أو عليك أن تكون طائفياً... إلخ، فوحدهم الكبار (الآباء والمعلمون والمديرون والمستثمرون والناشطون والمثقفون والزعماء من كل نوع) الذين يتحملون وزر هذا الخلل؛ لأن النتيجة ظهور أجيال تربت على قيم مختلة.
يذكر الكاتب في مقال «قصتنا البحرينية التي لم تنته»، مقولة يتداولها المعلمون في المدارس عندما يأتي الحديث عن طلابهم: «هناك نوعان من الطلاب لا ينسون: المشاغبون والأذكياء»، وأن أكثر من سيفرض نفسه في الحياة العامة هما هاذان النوعان، فنحن إنما نستمع إلى أصوات المشاغبين؛ لأنهم أصحاب مبادرة، أما الأذكياء فإنهم يتوارون في الظل وفي الغالب لا يملكون حس مبادرة الظهور للعلن أو على الملأ إلا فيما ندر.
يتطرق الكاتب في مقال «ترهات أخرى وتفاصيل غير مهمة» إلى أهمية التربية الجمالية في المدارس وأنها بقيت حتى اليوم خالية من أية لمسة تجعل المدرسة مكاناً محبباً للتلاميذ والطلاب. ويقول ان علينا أن نسأل التربويين: ماذا عن علاقة المكان بالذهن؟ وما إذا كانت الأمكنة والمباني مجرد حجارة تصف كيفما اتفق؟ كيف سيتعلم الطلاب مهارة الدقة في الإنجاز طالما أن التفاصيل ليست مهمة؟ يرى الكاتب أن التفاصيل مهمة وحاسمة للغاية، فمن لا يهتم لتفاصيل مثل تشجير المدارس بحس يلمس حدوداً دنيا من الجمال هو نفسه الذي لن تستوقفه علاقة مدرسة بتلاميذها، وما إذا كانت تنطوي على حس إنساني أو مجرد علاقة عمل غارقة في الفجاجة؟ فعلاً تكاد تكون التفاصيل هي جوهر عملية البحث والابتكار في الفضاء المدرسي.
في مقاله الثامن والأخير «خطأ وخطأ آخر»، يورد الكاتب موقفاً تعرض له أحد الأيام (فترة سباق الفورمولا 1) عندما تسلم رسالة نصية من مدرسة ابنه وفيها خطأ نحوي وآخر إداري، ونصها ما يلي: «الغياب من دون عذر يحرم ابنكم من المدرسة أسبوع، يجب أن يحضر حالاً». فالصحيح «أسبوعاً» وليس «أسبوع»، أما الخطأ الآخر فكان عندما رجع ابنه من المدرسة ـ بعدما أقنعه والده بضرورة الحضور وعدم الانسياق وراء دعوات الغياب الجماعي ـ معلناً بنبرة تحدٍ أمام والده: أرأيتَ، لم تتخذ المدرسة أي إجراء وليس من المعقول أن تعاقب غالبية الطلاب بالحرمان لمدة أسبوع؟ والنتيجة كانت أن الطلاب لم يأخذوا التهديد بالحرمان لمدة أسبوع على محمل الجد!